الفرنسيون يسيرون على خطى الانجليز نحو بوابة الخروج من الاتحاد الاوروبى
طارق حسن
"لو نظم استفتاء الآن في فرنسا حول البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه فستكون نتيجته هي النتيجة التي انتهى إليها الاستفتاء في بريطانيا"، هذا ما قاله برنو لومار أحد القياديين في حزب الجمهوريين الذي يقوده الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
تصريح يتوافق مع استطلاع للرأي نشر مؤخرا يظهر أن 61% من الفرنسيين لديهم تحفظات على الاتحاد الأوروبي أكثر من البريطانيين. ولكن ماذا يأخذ الفرنسيون على الاتحاد؟
وفى استطلاع لمعرفة آراء بعض الفرنسيين أمام محطة للقطار بوسط باريس، فتبين أن أغلب الفرنسيين يعتبرون أن الاتحاد الأوروبي يتخذ قرارات بلا مراعاة للشعوب الأوروبية. ويأخذ المعارضون للاتحاد توسعه الكبير وينتقدون سياسة فتح الأبواب أمام المهاجرين واللاجئين.
هذا الخطاب تقريبا يتبناه اليمين المتطرف في فرنسا ممثلا في الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبان التي تلقفت هدية الانفصال البريطاني عن العائلة الأوروبية.
واستغلت لوبان لقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مؤخرا مع قادة الأحزاب لمطالبته بتنظيم استفتاء مماثل لذلك الذي نظم في بريطانيا، غير أن هولاند رفض ذلك المطلب.
القيادي في الجبهة الوطنية فاليرون دو سان جوست أكد أن ترحيبهم بطلاق البريطانيين مع الاتحاد الأوروبي يعود لرغبتهم في أن تعود كلمة الفصل للشعوب في إدارة شؤونها، وقال "نريد الخروج من الاتحاد الأوروبي لكي نسترجع سيادتنا علي العملة ولنتحكم في الهجرة وفي سياستنا الخارجية".
واعتبر سان جوست أن الاتحاد الأوروبي أخفق في حل المشاكل الاقتصادية وفي ضمان الأمن وأخفق في حل النزاعات.
وتبدو مارين لوبان منتشية بنتيجة الاستفتاء البريطاني وتأمل أن يمنحها شرعية أكبر، لأن الخروج من الاتحاد هو أحد أبرز المقترحات في برنامجها لانتخابات الرئاسة المقررة في العام المقبل بفرنسا.
وتنوي لوبان -إذا فازت في انتخابات الرئاسة- تنظيم استفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي في الأشهر الستة الأولى من ولايتها.
ويرى جون إيف كامو أحد أهم المختصين في اليمين المتطرف بفرنسا أن هذا التيار حقق انتصارا كبيرا بنتيجة الاستفتاء البريطاني، وأوضح أن اليمين المتطرف يملك الآن ما يمكن أن يقنع به الفرنسيين.
ومباشرة عقب الاستفتاء، بدأ اليمين المتطرف حملته بوضع عريضة على الإنترنت تطالب بخروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.
تداعيات الاستفتاء البريطاني على اقتصاد البلاد قد تحدد مستقبل تبني هذا الخيار بفرنسا
ويرى قادة هذا التيار أن البريطانيين وجهوا صفعة للاتحاد الأروربي، وأن نتيجة الاستفتاء هي انتصار للديمقراطية ولجميع الشعوب الأوروبية المتعطشة للهوية القومية والسيادة والحرية.
ويرى الحزب أن خروج البريطانيين هو رفض للهجرة الكثيفة التي يراها التكنوقراط في الاتحاد الأوروبي فرصة اقتصادية.
غير أن بعض المحللين يرون أن مصداقية رؤى اليمين المتطرف قد تهتز إن تسببت تداعيات الاستفتاء بانكماش نمو الاقتصاد البريطاني وتآكل الوظائف وتراجع في القدرة الشرائية للبريطانيين.
وأمام المطالب التي يرفعها قادة اليمين المتطرف، اختار بعض من أقطاب اليمين المعتدل المناداة بتنظيم استفتاء حول مشروع جديد للبناء الأوروبي من دون تركيا. وهو مشروع يعيد النظر في فضاء شينغن ويحمي أوروبا من تدفق الأجانب، وفقا للأمين العام لحزب الجمهوريين إيريك فورت.
ويتوقع مراقبون أن يقدم الاستفتاء حول الاتحاد الأوروبي مادة دسمة في نقاشات حملات انتخابات الرئاسة المقبلة، وإذا أضيف لذلك موضوع الإسلام في فرنسا والهوية والمهاجرين فإن جميع التوابل التي يشتهيها اليمين المتطرف ستكون متوفرة لكي يدير الحملة ويوجهها كما يطيب له.
------------
.