اتفاق أردوغان ونتنياهو... بسقط ورقة التوت عن خليفة المسلمين المزعوم
وافق نتنياهو على طلب أردوغان بعودة العلاقات الدبلوماسية، ويبدو أن الاتفاق الذي تناولت بعض تفاصيله الصحف الإسرائيلية، قد تم وفق شروط إسرائيل وبإذعان من أردوغان.
طارق حسن
تهدف النخبة الحاكمة في تركيا من وراء هذا الاتفاق إلى كسر العزلة الدولية والإقليمية التي تعاني منها بلادها، في ضوء تطورات الأحداث في المنطقة ومواقفها المتناقضة، خاصة تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية والحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال على قطاع غزة.
والاتفاق الذي تم التوصل إليه يتضمن التنازل عن مطلب رفع الحصار عن قطاع غزة، مقابل تمرير المساعدات التركية عبر منفذ "أشدود" الذي تشرف عليه أجهزة الأمن الإسرائيلية. وأصبحت تركيا مسؤولة عن التزام حركة "حماس" بأن لا تقوم بأي عمل مسلح ضد إسرائيل من أراضيها، مقابل تنازل إسرائيل عن الطلب من تركيا إبعاد قيادة الحركة عن الأراضي التركية، كما تلتزم إسرائيل بتعويض عن ضحايا سفينة "مرمرة" بما يعادل 21 مليون دولار، مقابل تنازل تركيا عن كافة القضايا المرفوعة ضد الجنود الإسرائيليين وقيادات الجيش.
من كان يعتقد أن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب انقطعت خلال عاصفة "الربيع العربي"، فهو مخطئ، حيث تشير التقارير إلى اعتذار أردوغان عن تصريحاته التي تحدث فيها عن أن "الصهيونية معادية للسلام ولا تختلف عن النازية"، كذلك تم التوقيع على صفقة أسلحة مع إسرائيل بقيمة 100 مليون دولار، والتي تتضمن تزويد منظومة القوات الجوية التركية بطائرات من طراز "أواكس"، والموافقة على استفادة إسرائيل من المعلومات الأمنية لحلف شمال الأطلسي، بعد نشر منظومة صواريخ "باتريوت" على الأراضي التركية، فضلا عن ارتفاع مؤشر التبادل التجاري بين البلدين بشكل أفضل قبل الأزمة.
ذهبت تصريحات العثمانيين ضد إسرائيل أدراج الرياح، ولم تكن المصطلحات التي تشدق بها أردوغان وحاشيته خلال مرحلة ما يعرف بـ "الربيع العربي"، سوى محاولة للاستفادة من الزخم المكتسب لـ "تيار الإسلام السياسي"، لكنها سرعان ما أصبحت سرابا في طريق الطموحات السلطوية للعثمانيين الجدد، وبعد فشل أنصار هذ التيار في السيطرة على أنظمة الحكم في المنطقة.
المعادلة القديمة للعثمانيين تجاه المنطقة كانت معروفة عناصرها، واليوم يحاول العثماني الجديد أن يخلق لنفسه دورا في التسوية السلمية والظهور بمظهر المدافع عن القضية و"القدس"، ولكن هذه المرة تتم المعادلة برعاية واشنطن مقابل غض الطرف عما يجري في البلاد من انتهاكات للحقوق والحريات، بهدف تغيير خريطة التحالفات بالمنطقة ووفق استراتيجية أمريكية تستهدف الحفاظ على أمن وسلامة إسرائيل على حساب استقرار المنطقة العربية.
كل دولة تملك الحق في تحديد سياستها الخارجية وإدارة العلاقات الخارجية بما يحقق مصالحها. لكن التلون وعدم الثبات في المواقف والمتاجرة بقضايا انسانية واستغلال الدين والمقدسات، من أجل تحقيق أهداف سياسية، فهذا مؤشر على انحدار أخلاقي، وسياسة مرفوضة لن تحقق سوى المصالح الشخصية الضيقة وتدفع بالقضية برمتها إلى مزيد من التعقيد، ويدفع الأبرياء ثمن صفقة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
وسقطت ورقة التوت عن هؤلاء الذين يتاجرون بمصير شعوبهم في الأمن والاستقرار، فكيف يمكن لهم الحديث عن حقوق الشعب الفلسطيني، بينما يواصلون التعاون العسكري مع حكومة الاحتلال وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتي من بينها ما يتعلق بقيادات فلسطينية تسعى إسرائيل للتخلص منهم، أو على أقل تقدير تحييدهم، وهم انفسهم الذين وافقوا على نشر الدرع الصاروخي الذي من مهامه ضمان أمن إسرائيل.
--------------
.