المذكرة المصرية المطروحة على مجلس الأمن في جلسة بحث سبل مواجهة الإرهاب اليوم
محمد مؤنس
أكدت مصر في المذكرة التي ستطرحها أمام مجلس الأمن مساء اليوم "الأربعاء" في الجلسة الخاصة بمناقشة الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين من جراء الأعمال الإرهابية، أن الانتصار في المعركة النهائية مع الإرهاب والتطرف لن يكون إلا بتجفيف منابعه، وفضح أهدافه وممارساته التي تتعارض مع القيم الإنسانية وتقوض مبادئ التسامح الديني.
وأوضحت المذكرة المعروضة للنقاش في هذه الجلسة التي دعت اليها مصر بمناسبة توليها الرئاسة الدورية للمجلس خلال شهر مايو الجاري، أن خسارة تنظيم (داعش) في العديد من المعارك في ساحات القتال، ومراوحة بعض تلك المعارك بين كر وفر، لا تكفي لوضع تصور حول إمكانية حسم المعركة مع (داعش) والتنظيمات التي تسير في ركبه، حتى لو ألحقت به هزيمة عسكرية في العراق وسوريا.
وحظيت المذكرة المصرية، التي ستتخذ كأساس للنقاش العام حول مكافحة رسائل وايديولوجيات الجماعات الإرهابية، في الجلسة التي سيترأسها سامح شكرى وزير الخارجية، باهتمام غير مسبوق في الأمم المتحدة حيث ضمت قائمة المتحدثين ما يزيد على 60 متحدثا حتى الآن، كما يشارك بالجلسة 9 وزراء خارجية و5 نواب لوزراء الخارجية، فضلا عن نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف محيي الدين عفيفي.
وأشارت المذكرة إلى أن هذا التنظيم أثبت قدرة كبيرة على فتح بؤر جديدة، في ليبيا واليمن، وبناء شبكة واسعة من الخلايا النائمة، يستطيع التحكم بها وتحريكها، في أوروبا الغربية وبلدان مجلس التعاون الخليجي وفي شمال أفريقيا وفي أفغانستان، وفي العديد من الدول الإسلامية، ولا تدخر قيادة (داعش) جهداً لمد خيوط إرهابها إلى بلدان أخرى.
واعتبرت المذكرة أن تقييم قدرات وأداء (داعش) وأفعاله خلال الأعوام الثلاثة الماضية لا يجب أن يستند إلى حجم قوته العسكرية فقط، وخاصة في العراق وسوريا حيث مركز ثقله العسكري والتنظيمي، بل إلى قدرته على تجنيد مقاتلين جدد في صفوفه، وتأمين مصادر دعم مالي، وتوسيع شبكة تأثيره على قطاعات من الرأي العام في البلدان العربية والإسلامية، والجاليات الإسلامية في البلدان الغربية، لاسيما القطاعات المتدينة وخاصة الفئات العمرية الشابة منها، من خلال تشويه تعاليم العقيدة الإسلامية، وبث أفكار تقوم على البغض والكراهية.
وجاء نص المذكرة التي تقدم بها السفير عمرو أبو العطا الممثل الدائم لمصر بمقر الأمم المتحدة بنيويورك باعتبارها وثيقة من وثائق مجلس الأمن كما يلي:
أنه وعلى مدى السنوات القليلة الماضية أخذت مكافحة الخطاب الذي تنشره الجماعات الإرهابية والأيدولوجيات التي تعمل بها تكتسب مزيدا من الأهمية وأصبحت تحتل موقع الصدارة ضمن جهود مكافحة الإرهاب في جميع انحاء العالم فظهور تنظيم داعش في العراق والشام وتوسعه واستمرار نجاحه في حفز الناس من جميع أنحاء العالم على ترك ديارهم والانضمام الى صفوفه كلها أمور تبرهن على حتمية مواجهة خطاب الجماعات الإرهابية وأيدولوجياتها مع التركيز بشكل خاص على داعش "تنظيم الدولة الإسلامية "في العراق والشام.
أن أيدولوجيات الجماعات الإرهابية القائمة على أساس ديني مثل تنظيم القاعدة وجماعة بوكو حرام وتنظيم داعش في العراق والشام وجبهة النصرة وحركة الشباب تشكل المعتقدات والقيم والمبادئ والغايات التي تميز هوية تلك الجماعات وأهدافها وتتشابه أيدولوجيات تلك الجماعات بصورة كبيرة فهي تنبع وتستنبط من نفس المفاهيم والآراء التكفيرية المتطرفة والعنيفة التي روج لها في متصف القرن العشرين بعض العلماء الذين تحولوا عن التفسير الحقيقي والسليم للدين لتحقيق مآرب سياسية وتشترك جميع تلك الجماعات الإرهابية في نفس الهدف النهائي وهو القيام عن طريق العنف بإرساء الخلافة من جديد وإنشاء دولة إسلامية وكذلك ترفض الايديولوجية التي تقوم عليها تلك الجماعات مفهوم الدولة القومية في حد ذاته وتسعى الى إعادة تشكيل الحدود الوطنية والهويات القومية لتتوافق مع نظرتها للعالم القائمة على فكرة الأمة الإسلامية.
أن الجماعات الإرهابية تتخذ من تلك الأيدولوجيات أساسا فكريا ويرجع ذلك بصفة رئيسية الى ان أيدولوجية الجماعة الإرهابية تحدد الأعداء من خلال توفير معايير يقيم على اساساها الابرار والآثمون سواء من الأشخاص او المؤسسات وينشأ عن هذا مفهوم الأهداف المشروعة في هذا السياق يكون "قتل الكفار"- وفقا لايدلوجية تنظيم داعش في العراق والشام -على سبيل المثال- فريضة في الإسلام على كل مسلم.
أنه وعلى نفس الغرار تستخدم الجماعات الإرهابية خطابها وأيدولوجيتها لتبرير أعمال العنف التي ترتكبها وللقيام استنادا إلى تفسيرات خاطئة ومشبوهة بتوفير الإطار الديني والأخلاقي وإيجاد الحجج الدينية والأخلاقية لأعمالها الإرهابية سواء أمام العالم الخارجي او أمام نفسها ويحدث هذا عن طريق تحويل عبء المسؤولية إما إلى أهدافها أو إلى جهات فاعلة أخرى ترى الجماعات الإرهابية على أساس أيديولوجي انها المسؤولة عن الحالة الراهنة التي تبرر اللجوء الى العنف لتصحيحها.
أن تنظيم الدولة في العراق والشام أعطى لنفسه ولأعضائه من خلال تأكيد انه ارسى خلافة دينية وسياسية مشروعة ،المبرر اللازم لارتكاب اعمال الإرهاب استنادا الى تفسير خاطئ ومشوه للمصادر الرئيسية للعقيدة الإسلامية والقرآن والسنة فهم يعتقدون انهم يناضلون من اجل حماية السلام ورفعته وانهم يطهرون العالم من الكفار .
انه وعلاوة على ذلك تستخدم الجماعات الإرهابية خطابها وأيدولوجيتها لتجنيد المناصرين والقاتلين ويشكل تنظيم داعش في العراق والشام مثالا على ذلك فقد تمكن من تجنيد عشرات الالاف من المقاتلين والإرهابيين الأجانب حتى الان ومن الأسباب الرئيسية لهذا النجاح الكبير في تجنيد الشباب والرجال والنساء المضللين قدرة هذه الجماعة على نشر أيدولوجيتها واستخدامها للدعاية وبراعتها في استعمال وسائل التواصل الاجتماعي فهي ناجحة في تصوير حياة المقاتلين الإرهابيين الأجانب داخل مخيمات تنظيم الدولة في العراق والشام والأراضي التي يحتلها على انها حياة تسودها روح الزمالة وتتسم بارتفاع الحالة المعنوية وتقوم على الأنشطة الهادفة.
وتصر على أن أعضائها يتمتعون بروح من البطولة الممتزجة بالتواضع وانهم عناصر تعطي نفسها للشهادة ابتغاء نعيم الدار الآخرة ،ويهدف هذا الخطاب في جوهره الى اجتذاب افراد الاسرة والأصدقاء وعلاوة على ذلك فان هذه الدعاية تستغل التصور الموجود في صفوف المسلمين من الشابات والشبان ولا سيما في أوروبا بأنهم محرومون من الحقوق الاقتصادية والسياسية.
وأضافت المذكرة أنه وفضلا عن ذلك تستغل الجماعات الإرهابية خطابها وأيدولوجيتها في أغراض الدعاية كي ترسم لنفسها صورة مفعمة بالقوة والزخم وتبين أن لها وجودا قويا ومؤثرا على الساحة الدولية وبالإضافة الى ذلك فإنها تستخدم ذلك الخطاب وتلك الأيدولوجيات لتعبئة الموارد وحشد الدعم من المتعاطين معها.
وشددت المذكرة على أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" نقل أساليب الخطاب والأيديولوجيات التي تستعملها الجماعات الإرهابية إلى مجال لم يسبق استخدامه من قبل عن طريق استغلال وسائط الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من منابر الاتصالات الاليكترونية في استهداف جماهيره في نحو 100 بلد بلغات تعدت العشرين لغة وتغريدات يومية تصل الى 90 ألف تغريده وكذلك عن طريق تناول مواضيع بزعم انها تتعلق بالإسلام.
وأكدت أن المجتمع الدولي رغم شدة اهتمامه بمكافحة خطاب وأيدولوجيات الجماعات الإرهابية وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" على وجه الخصوص لايزال بعيدا عن تحقيق النجاح ولا يزال متأخرا في هذا الصدد ويعزى ذلك أساسا الى عدم وجود رؤية استراتيجية حقيقية وعدم الاخذ بنهج شامل بدلا من نهج مجزأ ومخصص حسب الحالة والى عدم فهم الجهات الفاعلة الدولية على نحو كامل للايدلوجية التي يقوم عليها خطاب الإرهاب ومضمونه وانعدام الفعالية في الجهود التي تبذل حاليا في هذا الصدد وضيق نطاقها وقلة تمويلها والافتقار الى التعاون على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي.
وأضافت أن هناك أيضا نقصا في التنسيق والاتساق بين الجهود المبذولة لمكافحة خطاب الإرهاب وأيدولوجياته كما أنه لا توجد الية للمتابعة الضرورية وبالتالي فإن هناك حاجة الى وضع استراتيجية دولية شاملة لمكافحة الإرهاب وأيدولوجياته وإرساء آلية مناسبة لتنسيق الإجراءات والمواد الضرورية ومتابعتها وتعبئتها.
وبناء على ما تقدم يتمثل الغرض من المناقشة في الاستماع الى مختلف الآراء والتعليقات المتصلة بنقطتين رئيسيتين هما أولا: الأهداف والعناصر التي يمكن ان تؤدي لنجاح أي استراتيجية دولية شاملة لمكافحة خطاب وأيدولوجيات الجماعات الإرهابية مع التركيز بشكل خاص على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، وثانيا: الالية المثلى لتنسيق الإجراءات والموارد الضرورية ومتابعتها وتعبئتها.
طالبت المذكرة بأن تركز المناقشات على إيجاد الوسيلة العملية للتنسيق بين الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والمنتديات الأخرى على الصعيد الدولي أو الإقليمي من أجل مكافحة خطاب وأيدولوجيات الجماعات الإرهابية ولا سيما تنظيم "داعش".
وتساءلت عما هي الجهود التي تبذل لمكافحة ودحض خطاب وأيدولوجيات الجماعات الإرهابية وتصحيح الأكاذيب التي تروجها؟ وما هي التدابير الإضافية المطلوبة لتحقيق ذلك؟ وما هو الدور الذي يمكن أن تؤديه المؤسسات الدينية؟ وكذلك عن ماهية التدابير التي يمكن ان يتخذها المجتمع الدولي بما يتفق مع سيادة القانون ومع ضمان حرية التعبير من اجل مواجهة استخدام الإرهابيين لوسائط الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من منابر الاتصالات الاليكترونية بما في ذلك شبكة الانترنت لنشر خطابهم وأيدولوجياتهم؟ وكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يضع وينفذ استراتيجية فعالة لتوجيه الرسائل بما يشمل السبل الكفيلة بفضح الشرور التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"؟
واستطردت المذكرة لتتساءل عن الوسائل اللازمة لإذكاء الوعي في أوساط الفئات السريعة التأثر ولا سيما الشباب من اجل ابعاد هؤلاء الافراد عن الانضمام الى الجماعات الإرهابية؟ وما هي التدابير التي ينبغي اتخاذها لتعزيز التعاون والتنسيق بين سلطات الأمن والاستخبارات في البلدان المختلفة ولاسيما من خلال تبادل المعلومات والممارسات الجيدة من أجل مكافحة خطاب وايديولوجيات الجماعات الإرهابية؟ وعن كيف يمكن تعزيز الموارد الضرورية لتمويل الجهود والاستراتيجيات الاممية الى مكافحة خطاب وأيدولوجيات الجماعات الإرهابية؟ وما هي التدابير القانونية التي ينبغي تنفيذها لمكافحة خطاب وأيدولوجيات الجماعات الإرهابية؟ وما هي الجهات صاحبة المصلحة التي ينبغي اشراكها في تنفيذ الاستراتيجية؟ هل هي الحكومات والمجتمع المدني بما في ذلك القيادات الدينية الإسلامية وغير الإسلامية والقطاع الخاص والشركات وما الذي يكن لكل جهة من هذه الجهات ان تسهم به؟ وما هو نطاق أي الية عملية توضع في إطار الأمم المتحدة من أجل متابعة تنفيذ الاستراتيجية الدولية الشاملة التي يمكن وضعها وما هي طبيعة تلك الالية وولايتها؟
وطالبت مصر بإصدار بيان رئاسي يستند إلى الآراء والتعليقات التي تطرح خلال المناقشة ويعد بالاتفاق بين أعضاء مجلس الأمن ويمكن أن يطلب في البيان إلى لجنة مكافحة الإرهاب أن تقدم بالتشاور الوثيق مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب وكيانات الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية فضلا عن الدول الأعضاء المهتمة، اقترحا للمجلس بحلول 30 ابريل 2017 استراتيجية دولية شاملة تتعلق بمكافحة خطاب وأيدولوجيات الجماعات الارهابية مع التركيز بشكل خاص على تنظيم داعش في العراق والشام وينبغي ان يشمل هذا الاقتراح أيضا خيارات لآلية تتولى المسئولية عن تنسيق اعمال تنفيذ الاستراتيجية وتعبئة الموارد اللازمة.
نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف محيي الدين عفيفي ونائب المستشار العام بشركة مايكروسوفت ستيفن كراون.
ويشارك حوالي 9 وزراء للخارجية في الجلسة النقاشية منهم وزير الخارجية النيوزلندي موراي ماكيلي ووزير خارجية الأرجنتين مارجوت وول ستوم وزير خارجية هولندا البرت كوندبريس وزير خارجية النرويج بورج بريندي وزير خاررجية الصومال عبد السلام هادليه عمر وزير خارجية أيسلندا ليليجا دوج وزير خارجية جزر المالديف على ناصر محمد ووزيرة السياسة الخارجية الدانماركية ليون دينكر.
كما يشارك الممثل الدائم لجامعة الدول العربية السفير أحمد فتح الله وممثل الاتحاد الأوروبي آلان لو روي وممثل منظمة الفرانكوفون ناكسين نيجوفان، ويشارك نواب وزراء خارجية ماليزيا وإسبانيا واليابان وإيطاليا وكوريا الجنوبية .
ويشارك ممثلين الولايات المتحدة وأرجواي وفرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد الروسي والسنغال وفنزويلا وأنجولا وأوكرانيا والصين والعراق والبرازيل وكولومبيا وباكستان والهند وإسرائيل وإيران وأستراليا وبلجيكا وسوريا وألمانيا والمغرب وكينيا وجنوب إفريقيا وكندا والكويت وكازاخستان والسعودية والأردن وبنجلاديش وقطر وجورجيا والامارات وبيرو وجيبوتي وكوستاريكا وتونس واندونيسيا وكمبوديا وتايلاند وبولندا والسودان وكوبا وسلوفينيا وجمهورية الجبل الأسود وقبرص وأفغانستان.
-----------------------
.