كتب ... محمد مؤنس .
صعدت العاصمة الروسية، موسكو لليوم الثانى على التوالى من إجراءات الرد على الحرب الدبلوماسية التى تقودها العواصم الغربية بزعامة الولايات المتحدة وبريطانيا على خلفية أزمة محاولة تسميم الجاسوس الروسى سيرجى سكريبال وابنته يوليا، على أراض بريطانية وهو ما اعتبرته لندن تدخلا سافرا يستهدف سيادتها متهمة موسكو بالوقوف وراء هذا الاعتداء.
ووأعلنت روسيا، اليوم السبت، عن أنها أبلغت بريطانيا بأنه يتعين عليها سحب "ما يزيد قليلا عن 50" دبلوماسيا آخرا. وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، إن بلادها أبلغت بريطانيا بأنه يتعين عليها خفض عدد الدبلوماسيين "بما يزيد قليلا عن 50".
وأضافت زاخاروفا: "طالبنا بالتكافؤ. يزيد عدد الدبلوماسيين البريطانيين على نظرائهم الروس بمقدار 50".
وكانت روسيا قد أعلنت طرد 23 من دبلوماسيا بريطانيا، ردا على إجراء مماثل اتخذته لندن، بعد اتهام موسكو بالتورط فى محاولة اغتيال سكريبال، وهى التهم التى تنفيها موسكو، مشيرة إلى أن بريطانيا لم تقدم أى أدلة تثبت تورطها فى الهجوم.
ولم تكن بريطانيا الدولة الوحيدة التى أعلنت طرد دبلوماسيين، بل أتبعها ما يقرب من 23 دولة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا وغيرهم، ليصل عدد الروس المطرودين ما يقرب من 150 شخصا، فما كان من موسكو إلا أن تلجئ إلى مبدأ المعاملة بالمثل، وبدأت تطرد بدورها دبلوماسيين.
وكان وزير الخارجية الروسى سيرجي لافروف، أعلن أن بلاده ستطرد 60 دبلوماسيا أمريكيا وستغلق قنصلية الولايات المتحدة فى سان بطرسبرج ردا على الإجراءات التى اتخذتها واشنطن بحق موسكو، فى الوقت الذى أكد فيه ديمترى بيسكوف، الناطق باسم الكرملين أن روسيا ليست هى من بادرت إلى شن حرب دبلوماسية.
وأضاف بيسكوف، أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث مع الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن القومى، قضايا السياسة الخارجية، فى إطار تدابير الرد على الدول التى طردت دبلوماسيين روس، متابعًا: "لقد جرى تبادل للآراء بشأن السياسة الخارجية، بما فى ذلك فى إطار القرارات المتخذة للرد بالمثل على عدد من الدول التى طردت دبلوماسيين روس وأغلقت مؤسساتنا القنصلية".
وهو ما أثار غضب المعسكر الأمريكى، الذى اعتبر أن موقف روسيا من طرد الدبلوماسيين "عملاً مؤسفاً لا مبرر له"، بحسب وصف المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نوايرت. بينما اعتبر البيت الأبيض، رد فعل روسيا مؤشراً على مرحلة جديدة من تدهور العلاقات بين واشنطن وموسكو.
من جانبها، قالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن الطرد الانتقامى أمر ربما كان متوقعا ولا يثير الدهشة. لكنها اعتبرت إغلاق القنصلية الأمريكية فى ثانى أكبر مدينة فى روسيا يمثل تصعيدا كبيرا لاسيما وإن قنصلية روسيا فى سياتل - التى أمر ترامب بإغلاقها- تعتبر أصغر مكتب دبلوماسى لموسكو فى الولايات المتحدة.
شل شبكة روسيا الاستخباراتية
أما صحيفة "ذا تايمز" البريطانية فاعتبرت أن طرد أعداد كبيرة من الدبلوماسيين الروس سيعيق تحركات روسيا لجمع المعلومات الاستخباراتية فى معظم أوروبا والغرب. ومع ذلك رأت الصحيفة، أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين سيستغل الوضع بقوة وبلا هوادة لتعزيز التأكيدات القومية بأن الغرب معاد لروسيا، ومصمم على إذلال شعبه.
وأوضحت الصحيفة، أن أجهزة الاستخبارات تقول إن عمليات الطرد ستشل شبكة موسكو من الجواسيس، لأنه بمجرد الكشف عن الأسماء ، فإن الدول الأخرى ستردد في قبولها كدبلوماسيين.
ورغم أن عمليات الطرد هذه روتينية تقريبًا فى تعاملات روسيا مع الغرب، لكنها ستُظهر لموسكو أن محاولات الاغتيال فى الخارج سيكون لها تكلفة باهظة.
.