خرائط الجسر البري بين مصر والسعودية
الهدى والايمان..
أعادت الاتفاقية التى وقعها الرئيس السيسى والملك سلمان مشروع الجسر الذى يربط بين مصر و السعودية بريا لأول مرة فى التاريخ إلى الوجود.
وقد رحب الخبراء بهذا المشروع العملاق الذى يبدأ من شمال منطقة شرم الشيخ بحوالى أربعين كيلو مترا ليصل إلى الأراضى السعودية عبر جزيرة تيران بطول يصل إلى ٢٣ كيلو مترا، وكان قد تم طرحه للتنفيذ فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك إلا أنه توقف لأسباب مازلت مجهولة حتى الآن بالرغم من أنه يحقق طفرة هائلة فى الحركة السياحية والعمرانية بين البلدين من خلال المشروعات التى يمكن إقامتها على جانبى هذا المحور الذى سوف يختصر الرحلة من القاهرة إلى مكة والمدينة فى حوالى ١١ ساعة فقط. بينما العبور على هذا الجسر لن يستغرق أكثر من٢٣ دقيقة.
وأضاف الخبراء أن العوائد والفوائد لهذا الجسر لن تتوقف فقط على الجوانب الاقتصادية وتيسير حركة التجارة وانتقال الأفراد ولكن يمثل جسرا إستراتيجيا للربط المباشر مع كوبرى السلام والأنفاق التى يجرى تنفيذها أسفل قناة السويس بين المشرق والمغرب العربى، إذ أنه سيتم لأول مرة أن ينطلق المواطن المغربى بسيارته من على ساحل الأطلنطى ليصل مباشرة إلى الخليج العربى.
كما تضمنت اتفاقيات النقل البحرى تيسير حركة التجارة وإعطاء أولوية وأفضلية للسفن المصرية والسعودية فى مواني البلدين فضلا عن التنسيق فى مجال الخدمات البحرية والمناطق اللوجستية لتحويل الموانى التابعة للبلدين على ساحل البحر الأحمر إلى مراكز دولية لحركة التجارة من خلال التعاون الاقتصادى وتقديم التمويل السعودى لإقامة هذه المشروعات التى تحقق هذه الأهداف الإستراتيجية بين البلدين.
كما شملت الاتفاقيات تيسير حركة نقل المسافرين والشاحنات التى تنقل البضائع خاصة الخضر والفاكهة من مصر إلى السعودية ودول الخليج عبر موانى السويس والغردقة وسفاجا إلى كل من جدة وضبا وينبع فى السعوية، هذا فضلا عن تغيير القوانين والتشريعات التى تعطى مزيدا من التيسيرات لتحقيق التكامل بين البلدين.
والحقيقة أن المشروع يرجع تاريخه الى قبل ما يقرب من ٢٨ عاما وتحديدا عندما تم توقيع بروتوكول مصرى - سعودى سنة ١٩٨٨ وظل هذا البروتوكول حبرا على ورق إلى أن قاد اللواء الراحل فؤاد عبد العزيز رئيس هيئة الطرق الأسبق حملة لإحياء هذا المشروع ما بين عامى ٢٠٠٥ و ٢٠٠٧.
وبالفعل بدأ يلفت النظر لهذا المشروع وبدأ الاهتمام ليس من جانب المسئولين فى البلدين، بل أيضا بين الشركات العالمية وتلقى بالفعل عددا من العروض من كبريات الشركات فى العالم عندما كان رئيسا لجمعية الطرق العربية، ثم توقف الحديث عن المشروع.
ثم عاد المشروع إلى الواجهة مرة أخرى عام ٢٠١٢ ومن الصدفة الغريبة أن الدكتور جلال السعيد كان فى حينها وزيرا للنقل فى حكومة الدكتور الجنزورى حيث كشف اللواء فؤاد عبدالعزيز خليل رئيس جمعية الطرق العربية فى ذلك الوقت النقاب عن لقاء مطول مع الدكتور جلال السعيد وزير النقل وتم استعراض آخر التطورات حول المشروع. وقدم عرضا من شركة فينسى الفرنسية تؤكد فيه استعدادها لتمويل الدراسات الفنية للمشروع بمنحة من حكومة فرنسا فى حالة طلب ذلك رسميا من جانب السلطات المصرية..
وقد أبدى الوزير اهتماما بهذا المشروع الحيوى باعتباره أول محور برى فى العصر الحديث يربط مباشرة قارتى آسيا وأفريقيا ومنها إلى أوروبا عبر الأراضى السورية والتركية.
وأكدت الدراسات المالية ان تكلفة المشروع يمكن استردادها خلال عشر سنوات فقط عن طريق رسوم عبور الحجاج والمعتمرين والسياح والعاملين فى دول الخليج.
ووفقا لمحللين اقتصاديين، سينعش الجسر الحركة التجارية بين البلدين ويصبح ممرا دوليا لدول الخليج العابرة إلى دول شمال إفريقيا وهو مايسهم فى تحقيق تنمية شاملة لكل المنطقة الشمالية للمملكة وخاصة تبوك كما سيعمل على إنعاش الحركة التجارية فى ميناء ضبا بجانب تعظيمه من المكانة السياحية لمنتجع شرم الشيخ الذى يقبل عليه السياح الخليجيون.
وتأتى تجربة الجسر السعودى المصرى على غرار تجربة جسر الملك فهد الذى بدأ العمل فيه سنة1982 بتكلفة بلغت نحو3 مليارات ريال والذى يربط بين السعودية.
ويقول المهندس محمد صلاح رئيس جمعية الطرق العربية إن المشروع بدأ باتفاق تم بين الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، فى زيارته لمصر عام 1988 .
وكان يقضى الاتفاق بإنشاء جسر برى بين مصر والسعودية، يبدأ من الشاطئ الغربى لمصر عند رأس نصرانى القريبة من شرم الشيخ ثم يمر بجزيرة تيران ليصل إلى الشاطئ الغربى للسعودية بمنطقة رأس حميد بطول 23 كم تقطعه السيارة فى 20 دقيقة.
يبدأ هذا الكوبرى بجسر بحرى عملاق يعبر مدخل خليج العقبة ويعبر جزيرة تيران بجسر ركامى ثم يعبر بكبارى تقليدية عبر المياه الضحلة حتى يصل إلى رأس حميد بالمملكة العربية السعودية.
وقد تم اختيار محور الجسر ليكون انسب محور للعبور بجسر يعبر المياه العميقة بفتحة كوبرى تمثل أقصى ما سمحت به التكنولوجيا الحديثة فى إنشاء الكبارى المعلقة فى مدخل مضيق تيران، ويوفر هذا الكوبري فتحة ملاحية يبلغ عرضها 3000 متر، وترتفع عن مياه الخليج بمسافة 65 مترا بما ليسمح بمرور الناقلات والبواخر، حيث إنها تمثل الممر الملاحى الرئيسى المؤدى إلى خليج العقبة، ويرتكز على شاطئ سيناء من ناحية وعلى جزيرة تيران من ناحية أخرى، ثم يمتد فى المياه الضحلة بين جزيرة تيران والشاطئ السعودى بفتحات كبارى تقليدية ليصل إلى الشاطئ السعودى عند رأس حميد، وشرم الشيخ الجنة السياحية، ومنارة السلام، ونظرا لما تمثله مدينة شرم الشيخ من أهمية خاصة وما يتطلب ذلك من ضمان الحماية اللازمة لها وتوفير الأمن للزوار والسياح، بعد أن أصبحت مقصدا سياحيا عالميا، فقد تم التخطيط للطريق الواصل بين الجسر والوادى بعيدا عن شرم الشيخ ليتجه عند رأس نصرانى إلى الطريق الواصل بين رأس محمد وطابا، ثم يسلك الطريق المتجه غربا، والذى يتفرع فى المسافة بين نويبع ودهب، ليمر على دير سانت كاترين ووادي فيران، ثم يلتقى مع طريق السويس الطور جنوب ابورديس متجها بعد ذلك إلى مصر والدول العربية فى غرب إفريقيا.
ويشكل المشروع جسرا للتواصل بين اكبر قارتين فى العالم، وشريان حياة بين أهم دولتين عربيا وإسلاميا ، ويحقق التئام الشمل العربى ، ويكون لبنة أساسية فى طريق إنشاء السوق العربية المشتركة، ويحقق أمنا للافراد والشاحنات وانخفاضا فى تكلفة نقل البضائع والأفراد.
تعد أهم الفوائد المرجوة من تنفيذ المشروع هو التيسير وتوفير الجهد والمال والسلامة والآمان والوقت للمسافرين عن طريق البر والبحر من الحجاج والمعتمرين من مصر ودول المغرب العربى، وجميع العابرين خاصة العمالة فى السعودية ودول الخليج الأخرى، وذلك بعد المسلسل المفجع لاحتراق وغرق العبارات، ونزيف الدماء على طريق الحج البرى الوعر المرهق عبر الأردن والذى زادت فيه الوفيات بنسبة 136% .
تم إثبات الجدوى التكنولوجية وإمكانيات التنفيذ، والجدوى الاقتصادية والتى أثبتها المكتب الاستشارى بكتل ، الذى قدر فترة استرداد التكلفة للمشروع خلال مدة بين 8-10 سنوات ، والذى يعتمد أساسيا على رسوم نقل البترول السعودى فى مواسير تمتد عبر الجسر، ثم تعبر سيناء وقناة السويس إلى خط سوميد المصرى الذى يصدرها من ميناء سيدى كرير غرب الإسكندرية ، وان المشروعات المماثلة عالميا تسترد تكلفتها فى مدة تتراوح بين 40-50 سنة، ويتم استرداد التكلفة طبقا للدراسة التى قدمت للجانب السعودى من فرق سعر نولون الشحن الذى يقدر بدولار واحد لكل برميل بترول يصدر إلى جنوب أوروبا والذى يقدر بعدد 1.5 مليون برميل يوميا ، وكان ذلك بأسعار إجراء الدراسة فى عام 1988 والتى تزايدت حاليا.
كما تم عمل دراسات ابتدائية عن الجسور البرية عبر البحر المماثلة التى تم إنشاؤها والجارى إنشاؤها فى المنطقة العربية بين السعودية والبحرين، والبحرين وقطر، وقطر والإمارات، ومدينة الكويت والصبية .
قامت خمسة هيئات ومكاتب استشارية دولية بعمل دراسات ابتدائية عـــن الجسر وهــم: منظمــــة الاسكوا ( الأمم المتحدة ) ، محرم باخوم مصرى ، بكتل Bechtel أمريكى ، باسيفيك كونسلتانت Pacific Consultant يابانى، كووى COWI دنماركى جاء فيها :-
- ثبوت الجدوى القومية ، والاقتصادية ، والتكنولوجية ، والبيئية للجسر.
- اختلاف عمق المياه فى محور الجسر ويبلغ أقصى عمق للمياه 300 متر.
- الجسر يتكون من كوبرى معلق على خليج العقبة Suspension Bridge بفتحة ملاحية 3000 متر ، ثم جسر ركامى على جزيرة تيران ثم كوبرى بفتحات تقليدية Conventional Spans عبر المياه الضحلة من جزيرة تيران الى الشاطئ السعودي.
- خلوص الكوبرى المقترح فوق سطح المياه 65 مترا.
وأضاف رئيس جمعية الطرق العربية انه فى ذُلك الوقت تقدمت سبع مجموعات عالمية بعروض لإنشاء وتمويل الجسر، منها شركة الخرافى الكويتية بعرض لإنشاء وتمويل الجسر البرى، والمهندس الاستشارى محى الدين أحمد عبيد يوم 12/4/2006 بخطاب من مجموعة مينرفا بدبى التى تبين استعدادها لتمويل كوبرى السعودية - مصر عبر خليج العقبة، وأيضا الشـــركة القابضة فينـــسى الفرنسيــــة
(VINCI ) (DUMEZ GTM SGE (CAMPENON – BERNARD) FREYSSINET)
بالاشتراك مع شركة أرامكو بعرض لتمويل الكوبرى فى أكتوبر 2005 . وعرض مباشر لتقديم منحة من الحكومة الفرنسية لعمل دراسات تفصيلية عند طلب الحكومة المصرية.
بالاضافة إلى شركة سامسونج الكورية بواسطة مديرها المقيم بالقاهرة يوم 15/4/2006 للاستفسار عن جدوى إنشاء الكوبري لتقديم عروضها للتمويل والإنشاء ، وقد قدم سجلا لسابق خبرة الشركة فى تنفيذ المشروعات الإنشائية الكبرى.
كما شملت العروض شركة كندية للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة يوم 6/4/2006 برغبتها فى تمويل وإنشاء الجسر، ومجموعة سنتوريا / دكسيا عرضا لتمويل الجسر لكل من وزيرى النقل السعودى والمصري بتاريخ 20/5/2006، وفى شهر يوليو 2006 تقدمت أيضا شركة بن لادن السعودية بعرض لتمويل وإنشاء الجسر بعد تقديمى لعرض كامل للشركة عن جدوى إنشاء الجسر. وقد كللت أعمالنا بالنجاح وأعلن الملك عبدالله بن عبدالعزيز فى زيارته لتبوك ( شمال السعودية ) موعدا لوضع حجر الأساس لهذا المشروع العربى الممتاز، إلا أن الرئيس الأسبق حسنى مبارك أعلن رفضا قاطعا لإنشاء هذا المشروع العملاق.
ويقول اللواء عادل ترك رئيس هيئة الطرق والكبارى انه مع توقيع الاتفاق بين العاهل السعودى الملك سلمان والرئيس عبد الفتاح السيسى يكون قد حـــان الآن فى هذه الفترة الفارقة أن يجنى المصريون بعد الثورة حلما يمكن تحقيقه طالما نادينا به الذي سيكون ميراثا لأبنائنا فى المستقبل مثله فى ذلك مثل المشروع التاريخى لقناة السويس، وهى الوصلة البحرية بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، والتى تم إنشاؤها كمشروع بنظام حق الانتفاع BOT ، فأعطيت الشركة التي أنشأته حق الامتياز فى منطقة القناة لمدة مائة عام من عام 1868 إلى عام 1968، وتم تأميمه فى عام 1956 ، وكان نتيجته إنشاء هذا المحور التنموى والذى شمل إنشاء مدن بورسعيد وبورفؤاد وميناء بورسعيد ومدينة الإسماعيلية، وتطوير قرية القلزم لتكون مدينتى السويس وبورتوفيق وميناء السويس والاستغلال الأمثل لهذا المحور التنموى، الذى اجتذب طريق التجارة العالمية من الشرق إلى الغرب مؤخرا بإنشاء ميناء شرق التفريعة شرق مدينة بورسعيد شمالا وميناء السخنة جنوبا، اللذين شكلا موانى محورية وتجمعات اقتصادية وصناعية وسياحية على هذا الطريق المهم.
--------------------------------------
.