التاريخ لا يقرأ من اليسار لليمين .. بل من اليمين لليسار .
بقلم ... طارق حسن
منذ انتهاء الحرب العالميه الثانيه وما نتج عنها من دمار لكامل اوروبا واسيا تغير كل شىء فى مفهوم الحياة لدى الاوروبيين وحتى الاسيويين وكان امام كلا منهما اختيار طريق من الاثنين
- الاول هو الاعتماد على الذات واعادة بناء دولهم بسواعد ابنائهم وثروات بلادهم رغم ما فيه من صعاب .
- الثانى هو اختيار اقصر الطرق وهو اعادة بناء دولهم على حساب الغير اى بثروات وخبرات الغير .
وقد اختارت الدول الاسيويه مثل اليابان والصين والكوريتين واندونيسيا وماليزيا وغيرهم الطريق الاول وهو الاعتماد على الذات .. وقد نجحوا الى حدا كبير فى ذلك حتى تحولت بلدانهم اليوم الى قلاع اقتصاديه وصناعيه راسخه وغير قابله للهزات او الاضطرابات .
اما دول اوروبا فقد اختارت الطريق الثانيه وهى نهب ثروات الغير ونقلها الى بلدانهم ووجدوا فى البلدان العربيه ضالتهم ولما لا وهى تمتلك النفط اكسير الحياه وتملك المليارات من العملات وتملك الثروات البشريه و الزراعيه والحيوانيه .. ومن يومها وضعت المخططات وحيكت المؤامرات الشيطانيه لنزف تلك البلدان وقد كان المدخل اليها بدعاوى كثيرة منها نشر الثقافه والوعى لدى شعوب تلك الدول . ومنها حملات التبشير بالمسيحيه . ومنها حتى نشر الدين الاسلامى بمفهوم اخر يحدث عند المتلقى تشكيك فى اصل عقيدته .
وقد كانت اخر تلك الدعاوى الدفاع عن حقوق الانسان وحرياته .
فما يحدث اليوم ليس وليد تلك الحقبه التى نعيشها ولكنه وليد حقب سابقه ... حتى مفهوم الحياة والتعامل مع الاخر لدى الاجيال الاوروبيه التى اعقبت الحرب العالميه فقد زرعوا فى وجدانهم اننا اى العرب والمسلمين اعدائهم واننا فى تربص دائم معهم مما خلق لديهم حالة رضى عن اى كوارث تحدثها حكوماتهم معنا بل وصل الامر بهم الى المطالبه بابادتنا لاننا عاله على العالم ..
اما رد الفعل العربى تجاه كل ذلك فقد كان مخيبا لكل الامال بل انه كان مساعدا كبيرا لهم ربما كان ينتفض بين الحين والاخر بفعل ثوار ومناضلين عرب ولكن سرعان ما كان يتم اخماد ثوراتهم بل حتى اخماد انفاسهم عن الحياة .
اليوم من المفترض اننا نعيش اخطر مرحله فى مخططهم وهو الاجهاز علينا تماما كعرب وكمسلمين لذلك نرى تسارع الاحداث وكثرة الصخب والهرج والمرج والقتل والتدمير والتهجير والتمزيق وغطت سحب الدخان الاسود سمائنا حتى فقدنا جميعا الرؤيه فما عاد الاخ العربى يرى اخيه العربى ولا المسلم يرى اخيه المسلم واصبح الجميع يعيش حالة تخوين وتشكيك فى كل من حوله .
دائما ما كانت اوروبا تنظر الينا على اننا شعوب جاهله ومتخلفه وغير قارئه للتاريخ بل غير قارئه حتى لما نكتبه نحن .
ولكن ومع تسارع الاحداث مؤخرا وعدم احكام الاقنعه على الوجوه تساقطت اقنعه كثيره وتكشفت حقائق كثيره على الاقل كنا نجهل الكثير منها واهم حقيقه واقوى حقيقه تكشفت هى ان اوروبا هى التى لم تجيد قرائة التاريخ وبخاصة تاريخ من تراهم جهلاء ومتخلفين
وهو نحن .. لانهم لو كانوا اجادوا قرائة التاريخ لكانوا وقفوا عند نتائج حروبهم الصليبيه ضدنا فى الماضى .. ولو كانوا اجادوا قرائة تاريخنا جيدا لعلموا اننا القوميه العرقيه الوحيده فى العالم التى لم تهزم حتى اليوم منذ نشأتها رغم كثرة انكساراتها ومراحل ضعفها ووهنها وتشرذمها واختلافها .
اليوم نرى اوروبا تعانى ومواطنيها اصبحوا مطموثين الهويه لذلك نرى منهم من اعتنق الالحاد ومنهم من اعتنق التطرف الاسلامى وليس الاسلام ومنهم من كفر بدولته وبقوانينها حتى ان هناك من كفر بجنسه ... اوروبا لم يعد يفصلها عن الهاويه الا خطوة واحده بعدها يعودوا من حيث بدأوا اى بعد الحرب العالميه الثانيه ولكن ستكون الثالثه ..
وكما كانت بالامس منطقتنا والتى غيروا اسمها واطلقوا عليها منطقة الشرق الاوسط مقبرة لاحلامهم وابنائهم سيعيد التاريخ كرته من جديد لتقبر احلامهم وابنائهم فى نفس المقبره وبأيديهم هم ..
وسيكتشفوا وقتها ان التاريخ لا يقرأ من اليسار لليمين بل من اليمين لليسار لاننا نحن من كتبناه وليس هم .
---------------
.