أثارت استقالة رئيس مجلس الوزراء الإثيوبي، ورئيس الحزب الحاكم، هايلي ماريام ديسالين، اليوم الخميس، تساؤلات المهتمين بالشأن الإفريقي بشأن مصير مفاوضات سد النهضة الإثيوبي والتي تخوضها القاهرة مع أديس أبابا، على إثر هذه الاستقالة.
وجاءت استقالة "ديسالين" نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاختلاف العرقي والديني، بحسب وكالة "رويترز" للأنباء.
وفي منتصف يناير الماضي، أجرى "ديسالين" أول زيارة رسمية له إلى مصر تركزت معظم محاورها على سبل دفع مفاوضات سد النهضة التي كانت قد تعثرت في نوفمبر الماضي لعدم اتفاق الدول الثلاثة على تقرير المكتب الاستشاري الفني. وأبدى مراقبون تفاؤلهم حيال تلك الزيارة في عودة المفاوضات مجددًا.
وفي نوفمبر، لم يتوصل وزراء الري في الدول الثلاث إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات التي يجريها المكتبين الاستشاريين الفرنسيين، حيث رفضت السودان وإثيوبيا الموافقة على التقرير الاستهلالي الخاص بدراسات "سد النهضة"، فيما وافقت مصر على التقرير -حسبما أكد الوزير في بيان رسمي.
​وبعدها بنحو أسبوع، زار الرئيس عبدالفتاح السيسي، العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وعقد قمة مع "ديسالين"، والرئيس السوداني عمر البشير، وقال السيسي: " لن يحدث أي ضرر لمواطني أي دولة من الدول الثلاث فيما يتعلق بقضية المياه".
ويرى الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث الأفريقية، أن استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين هاليم، تؤثر بشكلٍ أساسي على مصير المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، مضيفًا أن أكثر ما يثير المخاوف هو أننا لا نعلم هل وقع رؤساء الدول الثلاث الاتفاقيات السالفة أم لا.
ونوه خبير الموارد المائية، إلى أن الاضرابات السياسية في أديس بابا متجددة، ويجب على الجانب المصري الاستعداد للتعامل مع أي متغيرات.
فيما رأى الدكتور ضياء القوصي، مستشار وزير الري الأسبق، أن "ديسالين" شخصية ليست لها شعبية كبيرة، لافتًا إلى أنه أرهق الإثيوبيين مادياً وأمنياً بسبب شروعه في بناء سد النهضة.
وقال إن الإثيوبيين في حاجة إلى مشاريع تخدمهم وليس إلى مشاريع عملاقة ترهقهم اقتصادياً بدون مردود إيجابي، وينبغي على القاهرة الآن توضيح مدى توافق الدول الثلاث على العودة للمفاوضات، مشيرًا إلى أن نتيجة القرار ستتضح مع أول تصريح لخليفة المسؤول الإثيوبي المستقيل.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلن عقب انتهاء القمة الثلاثية التي عقدت 30 يناير الماضي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا على هامش القمة الإفريقية أنه لا ضرر على مواطني أي دولة من الدول الثلاث فيما يتعلق بقضية المياه.
ورجح أحمد عبد الخالق، خبير السدود والموارد المائية السابق بالأمم المتحدة، أنه في حالة عدم توقيع اتفاقية واضحة ومكتوبة لن يعتد بالاتفاق المبرم بين الرؤساء الثلاث في المحافل الدولية، مشيرًا إلى أنه ما من مجال لاعتبار الأزمة انتهت بدون مذكرة تفاهم واضحة وملزمة.
وأوضح عبد الخالق، أن مصر تستطيع استغلال الأوضاع السياسية في إثيوبيا، وتقديم مساندة ودعم للشعب الإثيوبي، فدعم مصر للشعب الإثيوبي حالياً له مكاسب سياسية لن يتوقعها أحد.
بدوره علق النائب حاتم باشات، عضو لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، قائلًا: "نأمل ألا تؤثر على مفاوضات سد النهضة، التي تمت مؤخرا بين مصر وإثيوبيا".
وأضاف باشات في تصريحات لمصراوي: إن قراءة المشهد الحالية تعطي تفاؤلًا حيال سير المفاوضات فيما يخص سد النهضة، لافتا إلى أن استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي تعود لأزمات اقتصادية داخل إثيوبيا.
وأوضح أن الموقف المصري السوداني الذي اتسم بالقوة في الفترة الأخيرة، ووجود نوع من التفاهم والترابط بين البلدين، بعد الجلسة الرباعية بين وزراء خارجية ومخابرات الدولتين، قد يلقي بظلاله على المشهد ويكون له تأثيرا إيجابيا.
وتعود مفاوضات سد النهضة، لأكثر من 6 سنوات حينما شرعت إثيوبيا في بناء سد ضخم في منبع نهر النيل الذي يمتد لمصر، وظهرت المفاوضات بجدية مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي للسلطة في يونيو 2014،